كانت قريبة جدا من بعضها البعض
وفي ساحة الحارة كانوا يمارسون كل الألعاب مثل أطفال المدارس
وعندما كان في العاشرة من عمره كانت هي في الثامنة من عمرها
فقال عندما كنا نلعب مع بعض في ساحة الحارة
كنت أرمقها بنظراتي الهائمة
عرفت معها معنى الصداقة
كنت أمضي وقتي أتمعن في شعرها الحريري
وكنت أتمنى أن أن تكون لي عندما نكبر
ولكني كنت لم أفهم ماهو الحب
وهي أبدا لم تلحظ ذلك في حياتها
وكانت أحيانا تدق بابنا وتطلب بعض الدقيق
وتقول عندما تخبزه أمي في تنور الحارة
يمكنك أن تأتي وتأخذ بعض الأرغفة الساخنة
فكنت أعطيها ماتريد
فتقول: شكراً ثم تمضي مسرعة في طريقها إلى البيت
كنت أريد أن أخبرها
أن أقول لها
أني لا أريد أن أكون مجرد صديق
أني معجب بها بجنون
لكن كان الخجل يعقد لساني
ولا أدري لمَ
وفي سنه الثالثة عشرة
أنا أنتقلت إلي المدرسة الاعدادية في القرية
وأخذت أشعر كل يوم بنشوة الصباح عندما أشاهدها ذاهبة إلى مدرستها
ولكن دوما كان لنا لقاء عند الغروب في ساحة الحارة
أتمعن في نظرات عينيها وكلي أمل أنها ستكون لي عندما أكبر
كنت أريد أن أخبرها
أن أقول لها...أن أكتب لها
أني لا أريد أن أكون مجرد صديق
أني معجب بها بجنون
لكن كان الخجل يعقد لساني
ولا أدري لمَ
ولا أدري لمَ أكتب
كبرنا وكبرت معنا أمالنا
وأصبحنا في مرحلة الثانوية
وهاهي كالغزالة الشاردة تسرح وتمره في باحة المدرسة
وأعيني تراقبها كأعين الصقر أريد أن أنقض عليها لأضمها إلى صدري
كبرت الأحلام وأصبح كل مابداخلي من شعور إتجاهها يهيج مشاعري
لقد كبرت وأدركت لا محال أنه الحب ولكن ليس لدينا وقت للحب
إنني على أبواب أمتحانات الثانوية وماذا يفيدنا الحب قبل الأمتحان
ولكن كنت خلسة عند الغروب أتحرك في ساحة الحارة
محاولا أن أكلمها وأن أصارحها أو على الأقل أن أسألها عن شعورها أتجاهي
ولكن في كل مرة يخونني لساني ويقتلني الخجل
ولا أدري لمَ
دخلت الجامعة وهي مازالت في البكالوريا
وفي كل مرة أحاول أن أتصل بها بالتلفون
لأسألها عن دراستها وهذا واجب طالما نسكن في نفس الحارة
ونحن جيران من زمان وبيننا كما يقولون خبز وملح
وعند سماع صوتها كنت أرتاح وأشعر بالنشوة والفرح وأزداد نشاطا
ولكن لساني كان يخونني
ولم أستطيع أن أقول لها إني أحبك فما شعورك إتجاهي
ولا أدري لمَ....
تقدمت هي بعدها لفحوصات الشهادة الثانوية
وكنت أعلم أنها كانت مترددة في الكثير من الاجابات
ولكن كان لابد لها من أن تكمل الإمتحان
لتنطلق إلى العطلة الصيفية حيث الضيعة تنظر المئات من المغتربين
وكنت أراها من فترة لأخرى فكانت مكتئبة وخائفة من نتائج البكالوريا
وأنا كنت مشغول في تفكيري بها وكذلك في أمتحاناتي الجامعية
وفي إحدى الأمسيات صدرت في الحارة بعض الزغاريد
فأول ماخطر ببالي أنها نجحت في البكالوريا وهذه هي فرحة الأهل
ولكن عندما أنتظرت في ساحة الحارة لأعرف الخبر اليقين
فشاهدت أن هناك شيء غير طبيعي في منزلها وهناك جمعة من الناس
نعم تمت خطوبتها من أحدهم من ذوي أملاك الدولارات
يالقلبي الذي أشعلني بنار الصدمة ...يالعقدة لساني التي ياما خجلتني
يا لأحلامي التي ذهبت في مهب الريح ..يا ويا...ويا ....
لملمت نفسي وعدت إلى البيت مكسور الخاطر مقصوص الجناح
وبدأت أفكاري تدور شمال ويمين ...ولا أريد أن أخبر أحداً بذلك..
جلست في حفل زفافها
متأبطاً حزني و آهات السنين
وماسكا تأوهات قلبي في يدي
ستتزوج و تدخل حياة جديدة
وستسافر وسوف لن أراها أبدا
رأيتها تخرج في ثيابها البيضاء
اغرورقت عيناي بالدموع
يا إلهي!
كم تمنيت أن تكون لي
نعم سافرت دون أن تودعني
ولكنها تركت مجموعة من الدفاتر كانت قد أستعارتها أثناء الدراسة
وأخبرت أمها أن تعيدها لي بعد سفرها ...
وما حاجتي للدفاتر طالما هي سافرت ...
وأخذت معها أحلام سنوات من عمري ...
لابأس ...
لابد لي من أن أتصفح الدفاتر طالما كم من المرات لامستها يديها ..
ياللوهلة ...يالصدمة قلبي ...يالعقدة لساني ..يالخيبة أملي..
ماذا أقرأ ....لم أصدق عيوني ...
وجدتها تقول عني:
كنت أراقبه و أتمنى أن يكون لي
لكنه أبداً لم يلحظ اهتمامي به
كم تمنيت أن يكون لي
كنت أريد أن أخبره
أن أقول له،
أني لا أريد أن أكون مجرد صديقة
أني أحبه بجنون
لكن كان الخجل يعقد لساني
ولا أدري لمَ
ليته قال لي : أحبك!
وليتني قلت له : أحبك أكثر!
أجهشت بالبكاء المر
ودموعي أنسالت كالسيل على كلماتها
ثم فكرت طويلا ، وقلت:
أيها المحب
أيتها المحبة
أسديا لنفسيكما معروفاً
أخبر من تحب بأنك تحبه
فهو لن يبقى ينتظرك للآبد.................